ذات الرداء الاسود قصة قصيرة بقلم زينب حسين الناهض
«ذات الرداء الأسود » كانت تسير في الشارع المؤدي إلى مكان عملي، امرأة طويلة القامة، ممتلئة الجسد، تغرق في لباس اسود من رأسها حتى أخمص قدميها، وبشكل لا إرادي. أخذت خطواتي تتباطأ تدريجياً بانتظار أن تقترب مني، حَملتْ بكلتا يديها بضاعتها، وهي مجموعة من السبح والميداليات الرخيصة وأشياء اخرى لا أهمية لها، ثم اختارت بقعة من رصيف الشارع لتجلس عليها؛ وتعرض بضاعتها أمام المارّة. انجذبت نحوها من دون وعي، ومشيت إلى حيث تجلس، وكأنني ابحث عن شيءٍ ما، شيءٌ لا يخص بضاعتها؛ فهي لا تعنيني، لكنني كنت أبحث عن تلك المرأة المستترة من وراء نقاب. شكلها، عمرها أو بالأحرى هويتها. قمت بتقديم مبلغ صغير من المال لها من دون أن أخذ شيءٍ من بضاعتها، أخذته وهي تردد: "اللهم صلِ على محمد وآل محمد". طرقت تلك الجملة سمعي بصوت عذب يضجُّ أنوثةً، ويفيض شباباً، وكأن الصوت يحكي عن جمال وشباب امرأة غُيّب تحت أثواب العوز والفقر وقلة الحيلة. تدفقت الكلمات الى مسامعي مثل نوطة موسيقية ملتهبة المشاعر، تبعث السرور في نفس من يسمعها. توالت الايام وأنا أراها بين حينٍ وآخر وقت الصباح، فتأخذ مني مبلغاُ بسيطاً م...