المشاركات

صورة
                                                                           لقاء انتهت من إعداد حقائب السفر.. وها هي تتأهب للرحيل.. تجولت في أرجاء البيت، نظرت إليه بحزن قبل أن تودعه.. كان خالياً من الأثاث باستثناء بعض القطع الضرورية.. هي اليوم تودع مكاناً عانق سنوات حياتها مذ ولدت حتى بلغت عقدها الرابع.. لم يعد يربطها بالمكان أي شيء.. رحل والداها.. لا أشقاء لها.. تركها الأقرباء.. وانشغل عنها الأصدقاء، بقيت تقتات على فتافيت الذكريات فلم تعد تكفيها لتعيش.. لقد هوى الجدار الصلب الذي كانت تتكأ عليه مع رحيل والدها.. وحين رحلت والدتها اصبح البيت بارداّ.. واستفاق العمر الذي كان يختبئ في دفء صوتها وحنان يديها لتقرأ عداد العمر وتندهش أمام ما سجله من رقم لم تكن تلتفت له في السابق.. فالوحدة لها طعم مر يعكر حلاوة الأيام ويكدر صفاءها.. راجعت نفسها كثيراً حتى تأكد لها أنها اتخذت القرار المناسب، رن جرس الباب.. وصل...
صورة
  ألبوم صور  زينب حسين الناهض     كانت تنتظر لقاءه منذ سنين، اتصل بها اليوم وأخبرها أنه سيصل الى أرض الوطن بعد ثلاثة أيام.. تورّد وجهها وتدفق الدم في عروقها وهي تنصت الى كلماته بلهفة.. ستراه هي إذن، ستضمه.. ستطوقه بذراعيها وتحتضنه بحرارة.. لن تعاتبه على شيء.. هي فقط تريد لقاءه، بعد أن أنهى الاتصال.. توجهت الى غرفتها، فتحت دولابها ثم مدّت يدها الى الرف العلوي منه.. سحبت ألبوم صور قديم كانت تحتفظ به، فتحت الألبوم.. وقعت عينها على صورة له حين كان عمره خمس سنوات.. الصورة قديمة جدًا مال لونها الى الأصفر وتمزّق جزء كبير من الغلاف الشفّاف الذي كان يحيط بها.. مررّت أصبعها على جبينه وخده.. شعرت بدفء غريب يسري في جسدها، ضمّت الصورة الى صدرها وتنفست بعمق كأنها تستنشق عبق الماضي وسحر الذكريات الأخاذ الذي لم تطفئه سنوات البُعد والمسافات الشاسعة.. بعيدة هي جدًا عن تقنيات التواصل الحديثة، كم تمنّت لو أنها تُحسن الكتابة لسكبت مشاعرها في حروف وكلمات، ونثرت ورود حبها في فضاءات الرسالة.. هو لم يكن يتصل بها كثيرًا لكنه حاضر في دعائها في كل وقت.. تلتمس هي له الأعذار لكنه لم يعتذر ...

قرار..قصة قصيرة

صورة
  قــــرار  زينب حسين الناهض حينما تسللت خيوط الفجر ببطء الى نوافذ غرفتها، وأخذ اللون الفضي ينتشر في أحضان السماء، مدّت يدها لتسحب هاتفها الجوّال حين اخترق صوت المنبه هدوء المكان.. أدركت أن وقت الشروق بات قريباً جداً.. نهضت بسرعة لتصلي الفجر قبل أن يفوت أوانها.. يبدأ يومها باكراً، تعمل على تحضير وجبة الإفطار لزوجها وابنها، ثم تذهب لتوقظ ابنها، تأخذه الى الحمام، وتعمل على تبديل ثيابه وتهيؤه للذهاب الى المدرسة، لايزال زوجها نائماً.. تحاول أن لا تحدث أي ضجيج في أثناء نومه، جهزت له طعام الإفطار ثم أحضرت صندوقأً صغيراً وضعت فيه وجبة طعام يأخذها الصغير الى المدرسة ومثلها لزوجها.. أيقظت زوجها.. نهض كعادته بتثاقل وبوجه عبوس.. تناول ما أعدته له من طعام.. غيّر ملابسه وتهيأ للذهاب الى عمله.. يصل باص المدرسة ويقف أمام باب الدار.. تحمل حقيبة ابنها وتقوده الى الباص.. تعود مرة أخرى الى المطبخ وتحاول أن تلملم الأشياء المبعثرة وترتب ما تستطيع.. تكتفي بفنجان قهوة سريع، ثم ترتدي ثيابها لتذهب الى عملها.. تجلس قرب زوجها في السيارة ليصحبها الى العمل.. تتوق أن ترى ابتسامة في عينيه أو كلمة ثن...
صورة
  قصة قصيرة سائق الدليفري   حينما بدأت العصافير تتراقص على شجرة قريبة من غرفتها مُحدثةً دويّاً ممتعاً تسلّل الى رأسها المُلقى بثقلٍ على الوسادة بعد ليلة طويلة أرّقها الوجع ولم يعرف النوم اليها سبيلاً الا عند ظهور الفجر... أخذ ضوء النهار يتدفق كشلال يعبيء أركان الغرفة ببريقه، فتحت عينيها بتثاقل ثم حملت جسدها على النهوض بصعوبة من السرير... البيت هادئ بالكامل، غادره الجميع الى اماكن الدراسة والعمل، نظرت الى الساعة المعلّقة في أعلى الجدار، كانت عقاربها تشير الى قرب انتصاف النهار... "آه سوف يصل زوجي وأولادي قريباً؛ لا بد أن أطلب غداءً جاهزاً هذه المرة"، هكذا قالت لنفسها... سحبت هاتفها الموجود بالقرب منها... دققت النظر فيه باحثةً عن رقم مطعم قريب من البيت... فتساقطت خصلات شعرها الناعمة على جبينها واحدى عينيها... حاولت إبعادها لتتضح أمامها الرؤية أكثر، سجّلت رقم مطعم قريب واتصلت به على الفور. بعد خمس واربعين دقيقة اتصل بها سائق الدليفري الخاص بالمطعم ليتأكد من عنوان البيت، وصل حاملاً الطلب... كان شاباً عشرينيأ يقارب عمره عمر أولادها... ناولها أكياس الطعام الساخن الذي طلبته.....